آخر التحقيقات

اعرف


📌 في 27 نوفمبر 2024، أصدر وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار قرارًا بتشديد قواعد صرف الألبان شبيهة لبن الأم (الصناعية)، بما يستبعد فئاتًا كانت تحصل عليه سابقًا، بدعوى دعم وتشجيع الرضاعة الطبيعية.


تشديد قواعد صرف ألبان الأطفال المُدعمة | استبعاد حالات مُستحقة وعدم مراعاة للظروف الاقتصادية والصحية.. دعم الألبان 5 مليار جنيه وخدمة الديون 3.44 تريليون جنيه

Dec. 15, 2024 - صحة
تشديد قواعد صرف ألبان الأطفال المُدعمة | استبعاد حالات مُستحقة وعدم مراعاة للظروف الاقتصادية والصحية.. دعم الألبان 5 مليار جنيه وخدمة الديون 3.44 تريليون جنيه
نتيجة التحري

📌 في 27 نوفمبر 2024، أصدر وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار قرارًا بتشديد قواعد صرف الألبان شبيهة لبن الأم (الصناعية)، بما يستبعد فئاتًا كانت تحصل عليه سابقًا، بدعوى دعم وتشجيع الرضاعة الطبيعية.

◾ وفق القرار، الأمهات اللاتي يعانين من ضعف إدرار اللبن أو من مشاكل صحية لا تندرج ضمن الشروط الحكومية الجديدة، لم يعد من حقهن الحصول على لبن مُدعم لأطفالهن، وهو ما لا يراعي الأوضاع الاقتصادية للأسر المصرية، والظروف الصحية لكثير من الأمهات التي تقول الإحصاءات الرسمية إن ثلثهن يعانين من الأنيميا. 

⭕ الشروط لا تنطبق

◾ يقصر القرار الجديد صرف الألبان الصناعية على حالات وفاة الأم أو حجزها بالرعاية المركزة لمدة لا تقل عن 3 أيام، أو إصابتها بمرض خطير كالفشل الكلوي/ الكبدي أو مرض يستدعي استخدام العلاج الكيماوي/ الإشعاعي. بالإضافة إلى ولادة طفلين توائم فأكثر، أو الإصابة بالدرن (أول أسبوعين من العلاج فقط) والأطفال كريمي النسب.

◾ ويستبعد القرار حالات كانت مُستحقة لصرف ألبان صناعية لأطفالها بموجب قرار وزاري سابق، مثل حالات ضعف إدرار لبن الأم أو توقف الأم عن الرضاعة الطبيعية، كما يتجاهل حالات أخرى يعاني فيها الأمهات من مشاكل صحية لا تندرج ضمن الشروط المحددة، وهو ما يؤثر في النهاية على صحة الأمهات والأطفال.

◾ "دلوقتي عشان أصرف لبن لابني اللي عنده 37 يوم، لازم أكون مريضة سرطان أو أرميه في الشارع"، تقول عبير لـ"متصدقش" معبرة عن استيائها بعد رفض المركز الصحي الذي تتردد عليه في حلوان، صرف اللبن الصناعي لطفلها، لأنها لا ينطبق عليها الشروط الجديدة.

◾ توضح السيدة: "أعاني خلال الحمل من مشكلة تجلط الدم وأتناول أدوية سيولة، وبعد الولادة يبدأ اللبن ضعيفًا ثم ينقطع تمامًا خلال أيام. حدث هذا مع ابني الكبير وكنت أحصل على لبن صناعي من الصحة، وحاليًا ترفض إعطائي لبن لابني الصغير".

◾ تقول منى*، وهي طبيبة بمركز صحي في محافظة سوهاج، إن القرار بدأ تطبيقه بالفعل، وأن الوزارة أصدرت توجيهات لهم بحث الأمهات التي لا تنطبق عليهن الشروط على الرضاعة الطبيعية، وشرب السوائل والتغذية الجيدة لزيادة إدرار اللبن بما يكفي الطفل. 

◾ تلقت عبير النصائح بالفعل، لكنها تعتقد أنها غير مجدية في حالتها: "طرقت أبواب الأطباء لمحاولة إرضاع أبنائي طبيعيًا ولم أستطع، ونصائح الطبيبات لن تغير شيئا في حالتي"، وتُشير بغضب إلى عدم قدرتها على تحمل تكلفة شراء اللبن الصناعي: "يستهلك ابني 8 علب شهريًا، ما يعادل حوالي 2000 جنيهًا، من أين؟".

◾ ويتراوح متوسط سعر علبة لبن الأطفال العادية وزن 400 جرام بين 250 و300 جنيه حسب الشركة المُصنعة والفئة العمرية، فيما تصل سعر علبة اللبن للأطفال ذوي الظروف الصحية الخاصة كحالات حساسية الألبان إلى 600 جنيه تقريبًا.

◾ وتعتبر الرضاعة الطبيعية شائعة في مصر، فوفق المسح الصحي للأسرة المصرية 2021، 91% من الأطفال الذين ولدوا خلال العامين السابقين للمسح تم إرضاعهم طبيعيًا لمتوسط فترة 16.9 شهر.

◾ وينعكس هذا على مخصصات دعم ألبان الأطفال، إذ أنها محدودة للغاية، فبحسب بيانات  موازنة العام المالي 2024/ 2025، يبلغ دعم الأدوية وألبان الأطفال 5 مليارات جنيه مقارنة بمليار و88 مليون جنيه متوقعة في 2023/ 2024. 

◾ تُعد هذه المخصصات محدودة بشكل كبير خاصة عند مقارنتها ببنود أخرى في موازنة 2024/ 2025، إذ تمثل 0.14% فقط من بند خدمة الديون (فوائد + أقساط القروض) الذي يبلغ 3.44 تريليون جنيه. 

⭕ عدم مراعاة للظروف الاقتصادية والصحية

◾ بسنت هي الأخرى إحدى المتضررات من قرار وزير الصحة، إذ لا ينطبق عليها الشروط. "كمية اللبن لديّ ضعيفة جدًا، بسبب ظروف صحية صعبة أثناء الحمل، حيث كنت أعيش 9 أشهر على المحاليل بسبب الأنيميا الشديدة (نسبة الهيموجلوبين 8) والاستفراغ المستعصي. رغم ده مليش حق آخد لبن لابني".

◾ وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الأمهات اللاتي تعانين من الأنيميا أثناء الحمل، قد يواجهن انخفاضًا في مخزون الحديد لفترات طويلة بعد الولادة، مما يزيد احتمالية استمرار الأنيميا، خصوصا في البلدان منخفضة الدخل. 

◾ وتعاني 38% من السيدات بين 15-49 عامًا في مصر من الأنيميا (أي 1 من كل 3 سيدات)، وفقًا لنتائج المسح الصحي للأسرة المصرية 2021، ويمثل هذا ارتفاعًا كبيرًا عن عام 2014 حين كانت النسبة 25%. 

◾ نقص الحديد والأنيميا لدى الأم المرضعة قد يؤدي إلى مشكلات طويلة الأمد على الأم ورضيعها. فقد تعاني الأمهات من التعب، واضطراب الإدراك، وأعراض اكتئاب، ونقص وزن المولود، وضعف إدرار اللبن، مما يؤثر على نمو الطفل وخطر إصابته بالأنيميا، بحسب دراستين نشرتهما دورية نيتشر في يونيو 2024، وسبتمبر 2022. 

◾ ووفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، ارتفعت نسبة الأطفال أقل من 5 سنوات المصابين بالأنيميا عام 2021 لتصل إلى 43%، مقابل 27.2% في المسح السابق الصادر عام 2014. كما ارتفع معدل وفيات الأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن عام في عام 2022 ليصل إلى 18.9 طفل لكل ألف من المواليد الأحياء، مقابل 14.6 طفل في 2014.

◾ وبحسب مراجعة علمية نشرتها دورية Nutrition في نوفمبر 2023، فإن فقر الدم لدى الأمهات قد يكون له علاقة وثيقة بتوقف النمو والتقزم لدى الأطفال من سن (0-60 شهرًا)، وتشمل عواقب فقر الدم لدى الأم زيادة خطر وفاة المواليد وخاصة في البلدان النامية.

❓ لماذا لا تهتم الأمهات بصحتهن؟

◾ في تصريحات تلفزيونية تعليقًا على القرار، حث المتحدث باسم وزارة الصحة د. حسام عبد الغفار، الأمهات على الاهتمام بصحتهن وتغذيتهن ليكون لديهن القدرة على إرضاع أطفالهن بشكل طبيعي، متجاهلًا أن سوء التغذية في معظم الأحيان مرتبط بالفقر وبعدم القدرة على الإنفاق لشراء الطعام المغذي.

بلغ معدل #الفقر_في_مصر في عام 2022، قبل تفاقم #الأزمة_الاقتصادية، 32.5%، ارتفاعًا من 29.7% في العام 2019/ 2020، بحسب بيانات الحكومة المصرية المقدمة للبنك الدولي. 

يعني هذا أن هناك نحو 33 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، أي ليس لديهم القدرة على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من الطعام والمسكن والملابس وخدمات #التعليم و #الصحة و #المواصلات

يعيش نحو 4.5% من المواطنين في فقر مدقع، أي ليس لديهم القدرة على الإنفاق للحصول على الغذاء فقط "تكلفة البقاء على قيد الحياة"، وفق بيانات بحث الدخل والإنفاق 2019/ 2020. (لم تكشف الحكومة نتائج بحوث الدخل والإنفاق منذ 4 سنوات دون سبب مُعلن)

يُظهر تقرير مشترك بين الجهاز المركزي للتعبئة وبرنامج الأغذية العالمي، أن الفقراء في مصر يحصلون على 60% من السعرات الحرارية اللازمة للبقاء على قيد الحياة من النشويات (البطاطس والحبوب)، حيث تُشكل الأطعمة ذات القيمة الغذائية المنخفضة نسبة كبيرة من النظام الغذائي لغالبية الأسر المصرية. 

يعاني نحو 14.4% من سكان مصر (15 مليون) من  انعدام الأمن الغذائي لعام 2023، بحسب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، ويعوض هؤلاء السكان عدم قدرتهم في الحصول على الحصة الكافية من العناصر الغذائية اللازمة، باستهلاك كميات كبيرة من الخبز والسكر والزيت، بحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو". 

آخر التحقيقات